الثلاثاء، 5 مارس 2013

لسه مسمتهاش



تمضى الدقائق بطيئة تسحقني الثواني و أنا في انتظار قدومها أغرق في دوامات عنيفة من التفكير , هي سوف تأتي بعد قليل أو كثير قد تدخل الأن وقد تأتي بعد دقائق وربما ساعات , لكن المؤكد أنها آتية , المؤكد ايضا أني أريد أن يثور بركان أفكاري فتأخذها الرغبة في الغوص بحممه , لكني غير قادر على فعل ذلك أو عدم فعله لا إرادة لي أو تدخل في حدوثه من عدمه , تحوّطني القيود تتملك من كلي , جزء مني غارق في بحر الوطن لكنه غير منفصل عنها , هي من تستطيع نجدتي , وحدها تكون السفينة التي يمكنها حملي على متنها , هي من توهبني القوة و تسلبها , الجزء الاخر مني هي , لكنها مثلي أو اكثر تعاني الضعف والوهن تملئها الهموم قلبها يعتصر وجعاً وتريد من ينقذها و يبعث فيها القوة , أخاف أن أحدّثها فأثقل همومها هماً , و أخاف أن لا أحدثها فتكون كلماتي هي الغوث الذي تنتظره و أمنعه أنا , هل أقول لها أن رفقتها تعطيني قوة تجعلني قادر على جعلها قوية , تجعل مني أخيل أحارب طروداة من أجلها , فأنتصر لوطني و أنتصر لها , أنتصر بها , بدونها لا أكون سوى بقايا إنسان هش ضعيف بالكاد أستطيع حماية نفسي وقد أفشل , أريد أن أخبرها بأن يجب عليها قبول عشقي لكي لا تهلك ولا أهلك , لكي أبني لها مملكة عشق حصينة تحوّطها أسوار هوى عالية تجعلها آمنة , تتوسط أسوارها أبواب محبة ضخمة  ثم أتوّجها المليكة الأبدية , أبقى أنا قائد جيوش حماية تلك المملكة , أكمل حياتي حارس الملكة مدافع عنها , و أموت شهيدها , أنتظر يوم أن أبعث حيا لنكمل سويا رحلة الخلود الأبدي في جنان الرحمن , أود لو أخبرها بالحلم الذي بعثه الله إليّ في منامي , كانت رسالة إلهية مصورة رأيتنا معاً في الجنة نجلس على ضفاف نهر الخمر نستقي منه و نسكْر السكْر الحلال ثم نذوب عشقاً , حتى نفيق , فنشبك أيدينا و نجري سويا في حدائق الكروم نلهو و نلعب تتوارى مني مختبأة خلف الشجيرات و حين أجدها أهرول بإتجاهها  أمسك بها محتضنها بين ذراعي فتفلت جسدها ثم تميل على الفرع المثمر بجوارنا تقطف بفهما منه ثمرة تبرز نصفها من أوسط شفتيها و تقترب مني لأقبل منها قبلة بنكهة كروم الجنة , حين لامست شفتيها شفتي انصهرت روحينا حتى صرنا روح واحدة  ,  ظلّت قبلتنا حتى مغيب الشمس , فقررنا أن نودعها من أعلى قمم جبال الجنة , رفرفنا بأذرعنا فطرنا حتى وصلنا للمكان , جلستُ وجلست ممدة واضعة رأسها على صدري حوّطتها أذرعي و ضممتها إليّ بحنان أب , أخذنا نتأمل الغروب على أنغام الموسيقى الإلهية المنعبثة من الملائكة المحيطة بنا , غربت الشمس وحل الليل فـ تلألأت النجوم في السماء الصافية , همست لي برغبتها في زيارة شجر التفاح التي حُرم على أبونا أدم أن يأكل منها , نظرت لها مبستما و وافقتها ثم اتجهنا في طريق الشجرة , حين وصلنا نظرت إليّ النظرة التي تعرف أنها تسلبني كل قوة أو إرادة لي أمامها , تلك النظرة التي تجعلني خادم مطيع بين يديها , ثم نظرت إلى الشجرة و مدت يديها لتقطف تفاحة و قضمت جزء منها ثم نظرت لي و أعطتني إياها , نظرتُ إليها و قولت مازحا أترغبين أن تهبطي بنا إلى الارض , فقالت الأرض معك جنة , قولت أتريدين مني أن أعصي أمر ربي كما فعل أبانا , قالت أوتؤمن بذلك حقا ضحكت و قولت لها أنت تعرفين أني أؤمن أن أدم لما يأكل من الشجرة عصيان لأمر ربه بل طاعة لرغبة محبوبته حواء , وكأن الله أمره بذلك ليرينا عظمة خلقه , ليضرب أول مثل للبشرية بتأثير سحر حواء , ابتسمت لي و كان وجهها الباسم أخر ما رأيته في تلك الرسالة الألهية .
آآآه لو أمتلك قرار أن أصرّح لها بكل هذا , آآه لو تثق في أنها معي سترى حياة اخرى على الأرض و في السماء , أنا لا احلم بالحور العين , ولا أبتغيهن بديلا عنها , لا أريد أن ألوذ بسعادة لنفسي بدونها , سعادتها هي أعظم مبتغاي , دعوت الله دوما أن يبعث لها برسالة كتلك التي بعثت لي , لترى كيف هي الحياة ونحن سويا , لا أريد سوى أن أكون يد الله التي تحملها , تحتضنها , تمسح دموعها, وقلب خُلقَ ليحنن عليها وينبض بها , أكون لها إحساس الأمان , الراحة والطمأنينة .
 على صوت خطواتها تنبهت لمجيئها نظرت إليها مبتسما و لم أتحدث , لم يكن لي إرادة في أن أتخذ القرار بأن أسرد لها ما كان يعتصرني بداخلي , يميتني و يحييني منذ لحظات , نظرت إليها نظرة مبتسمة ومرحبة ثم أمسكت فنجاني و ارتشفت قهوتي ثم عاودت النظر إلى كتابي و أكملت قراءة القصيدة 
وانتظرها

ولَمِّع لها لَيْلَها خاتماً خاتماً

وانتظرها

إلى أَن يقولَ لَكَ الليلُ

لم يَبْقَ غيركُما في الوجودِ

فخُذْها، بِرِفْقٍ، إلى موتكَ المُشْتَهى

وانتظرها!

الاثنين، 7 يناير 2013

مشهد غير مكتمل


 في احد جنان الارض نترجل سويا متشابكة اصابع كفها الايسر بأصابع كفي الأيمن كأنهما حبل الوصال الابدي بيننا وكأننا اصبحنا جسدا واحد , تتأرجح ذات الذراعين في الهواء فرحة , مبتهجه ومتوهجة بحرارة العشق , تحوّطنا الزهور  من كل الاتجاهت وتحتضننا بأوسطها , يتوغلنا عبيرها الفواح , نتلحف السماء الصافية , وتظلنا الشمس الناظرة إلينا مبتسمة وقد وارت عنا لهيب اشعتها واكتفت بنور ساطع يزين لنا تلك السماء التي تتوسطها وترسل إلينا من الأشعة فقط ما يكفي لكي يتناغم ويتكامل مع دفئ مشاعرنا المشتعلة ليكتمل مشهد العشق الاسطوري ويظهر الخالق احد لوحات المحبة بين عباده , لم نكن نشعر بمرور الساعات حتى نبهتنا الشمس بإقتراب ميعاد غروبها محذرة بحلول الظلام , وفجأة شعرت بيديها تسحب نفسها بقوة من يدي لتفض أحد أروع ملاحم العاشقين , وتسحب عمدان معبد المحبة من اسفل سقفه فينهدم فجأة , اخذني الذهول دقيقة لما افهم ماذا حدث حين افقت من ذهولي رأيتها تهرول مسرعة في اتجاه الجبل الموجود على اطراف المكان أخذت أنادي عليها فلم تستجيب أعقبتها بكل ما تمتلك قدماي من سرعة حيت وصلت إلى الجبل كانت قد بدأت بالصعود وسبقتني إلى أعلى بعدة أمتار تتجاوز الخمسون, أخذت أتسلق خلفها وأنا أصرخ مناديا عليها ,سائلا بصراخي أين تذهبين !! , ماذا حدث !! , فقط كانت تنظر إليا ولا تجيب ولم يكن يصلني منها سوى قطرات دمعاتها المتساقطة من عينيها , أخذ الظلام يشتد والبرودة تزيد , وصراخي يعلو , وهي تصعد وأنا أستمر في اللحاق بها ومشهد العشق الأسطور ينتهي وستاره يتدلى رويدا رويد , مع حلول منتصف الليل كانت السماء قد غلفتها الغيوم وتوارت خلفها النجوم , وهي قد وصلت إلى قمة الجبل ,وانا بقى لي امتار كي ألحق بها , ابتعدت عن الحافة التي صعدت منها بضع خطوات في اتجاه الحافة المقابلة , وانا قد وصلت للقمة , كان من الصعب في تلك الظلام الحالك أن أراها لكن الله ارسل لي شعاع ضوء القمر الهارب من بين قضبان الغيوم فرأيتها , وكررت نداءاتي وصراخاتي , وهي لا تستجيب فقط يصلني منها صوت نحيب وبكاء , وحين نطقت قالت لي لا تقترب , عد ولا شأن لك بي , أبيت أن أعود , حاولت الاقتراب منها لكن مع كل خطوه أخطوها إليها تبتعد عني نفس الخطوة , نبهتني اني كلما حاولت الاقتراب منها ستبتعد في اتجاه الحافة حتى تترك نفسها لتسقط من قمة الجبل , حين وصلت رسالتها إلى أذني تصلبت قدماي في صخور الجبل وكأنما أصبحت جزء منه , شل تفكيري برهة من الزمن حتى عاد ليفكر ماذا افعل , اذا اقتربت منها سقطت وسقطت معها روحي واذا ابتعدت عنها فقدتني قبل أن افقدها , فما أنا إلا هي , لن أعود , ولا أستطيع أن أقترب حتى لاأفقدها وأفقدني , مرت علينا سويعات من غير جديد , حتى بدأت آلامها التى أجهل كينونتها في الهدوء قليلا بدأت أقترب بحذر فلم تبتعد هي , سمحت لي بعدم رفضها اقترابي حتى صارت المسافة خطوات معدودة حينها استوقفتني فلبيت الأمر فورا , كان الليل أقبل على المغادرة وبدأ يفكر في الرحيل والفجر كان في انتظار رحيله ليحل محله , والغيوم بدأت تتفتت لكن ليست بأكملها , القمر بدأ يظهر أكثر فأكثر , وأنا بدأت أرى ملامحها من جديد نظرت في عينيها الغارقتين في بحر الدموع أخذت أسبح وأسبح ثم أغوص فيهما وأخذت أكتشف آلامها التي جهلتها من قبل حينما كنت أعمى ولم أبصر إلا في تلك اللحظات .

الساعة العاشرة صباحا جاءت الأن ومعها صوت مزعج آت من المنبه الموجود على بعد سنتيمترات من رأسي لخبرني أنه آن وقت استيقاظي من النوم , فركت عيناي بقبضة أصابعى المضمومة وأخذت أتأمل مكاني فرأيت جسدي مرتمي ممددا على سريري , قبل أن يحل الفجر الجديد محل الليل المظلم , وقبل أن تتلاشي الغيوم كاملة وتسطع الشمس من جديد وقبل أن أعرف هل ستسمح لي بالوصول إليها وتكوين مشهد عشق اسطوري جديد أم لا , هل سنسقط سويا من أعلى قمة الجبل !! هل !! هل !! هل !!