الثلاثاء، 7 يونيو 2011
سمراء
.
خرجت من منزلي هذا الصباح و لم أكن أعلم ماذا يخبئ لي القدر هذا اليوم و لكن كان ينتابني إحساس غريب على غير العادة لم أفكر كثيرا في ذلك فكل ما أعلمه أن لدي موعد عمل مع فتاة تسمى هدير أرسلها صديق لي لكي تقوم بمعاونتي في بعض الأعمال في مشروعي الأخير و لكني كنت أعرفها مسبقا معرفة طفيفة فلقد رأيتها من قبل و أتذكرها جيدا فلقد كانت جذّابة و بها شيئ شدّني إليها و زرع بداخلي شيئا من الشوق و اللهفة للقائها
.
كان موعدنا في تمام الثالثة عصرا و كعادتي السيئة التي أجاهد من أجل أن أتخلص منها و هي التأخير و عدم إلتزامي بالمواعيد تأخرت على الموعد فخرجت مسرعا قدر الأمكان وأنا أشعر بكل أنواع الخجل , كيف سأقابل الفتاة و بأي وجه فهو لقائنا الأول و كان علي أن أحضر في موعدي حتى لا ينتقص قدري أمامها , وصلت الساعة الرابعة و خمس دقائق و وجهي تكسوه حمرة الخجل دخلت إلى مكان اللقاء و كانت المفجأة أني لم أجدها فغضبت كثيرا من نفسي فمن المؤكد أنها جاءت و إنتظرتني و عندما تأخرت عليها غادرت المكان , أخرجت هاتفي من جيبي و اتصلت بها لأعتذر لها و عندما أجابت على إتصالي كانت المفجأة
- السلام عليكم
- و عليكم السلام معلش يا أحمد أنا أسفة أنا خلاص دقيقة واحدة بالظبط و هكون عندك
- متفاجئا و مسرور : أوك خلاص بس بسرعة شوية يا هدير لو سمحت
- سلام
- سلام
بعد هذه المكالمة تلاشي توتري وإحساسي بالذنب و ذهبت لأجلس و جلست على منضدة في أخر الرواق المواجه لباب المطعم
مرت خمسة دقائق كاملة و أنا أنظر بإتجاه الباب و فجأة رأيتها تلج إلي المكان حورية متأنقة بمجرد ما رأيتها قادمة نحوي إنتابتني مشاعر غريبة لما أشعر بها من قبل مشاعر لا أعرف كيف أصفها لكن ما شعرت به و كأني أرض ظمئانة تتلهف للقاء الماء فكلما اقتربت مني و كأن هاويس المياه قد فتح لتغطيني مياهيها و تروي عطش سنواتي الماضية , و بدون أن أدري و بشيئ لا إرادي وجدتني أردد بصوت خافت لا أعلم ان كانت قد سمعته أم لا بيتا لجورج جرداق تقول كلماته " سمراء كليل السهران و كطلة بنت السلطان " تلك الكلمات كانت الأنسب لوصفها فبشرتها تكسوها سمرة ساحرة تأخذك إلي أعماق أعماق السماء الصافية ليلا و يتوسط وجهها أنف صغيرة متلألئة كنجم يتوسط تلك السماء التي تملك قمرين صغيرين يلمعان و كأنهما جوهرتين هما عيناها فجأة أيقظت نفسي وعدت إلى الواقع حتى إقتربت أكثر مني و لم يفصلني عنها سوا أربعة أمتار تقريبا فوصلني عطرها الذي توغلني و ذوّبني كأنني مكعب سكر هش لا حول له ولا قوة قد سقط رغما عنه في كوب مياه فتفتت جزيئاته في لحظة
.
أيقظني و نبّهني صوتها الذي حسبته للوهلة الأولى أنه كروان يتغني و ليست هي التي تتحدث , قائلة
- ازيك يا أحمد أنا أسفة جدا على التأخير
تمالكت نفسي سريعا منتبها لها
- و أجبت و الضيق يرتسم على وجهي ازيك يا هدير ينفع يعني التأخير ده
- أخجلها لومي و إحمر وجهها و قالت : أنا أسفة والله بس المواصلات كانت صعبة و الطريق كان زحمة و ..... " إستمرت دقيقتين في سرد أعذار لتبرر بها تأخيرها على الموعد و قتها إبتسمت و أنا أنظر إليها لأراني متجسدا فيها و كأنها مرآتي فرأيت نفسي بها ، لو كانت أسرعت خمس دقائق فقط كنت سأقف نفس موقفها و أردد نفس ما تقوله لي الأن بنفس الكلمات و نفس المبررات
" .
- بنفس ملامح الضيق قلت لها : خلاص ولا يهمك بس أرجوكي تحافظي على مواعيدك بعد كده , ثم ضحكت و أخبرتها بأني أتيت قبلها بدقائق معدودة
.
جلسنا سويا لنجهز ما إجتمعنا من أجل إنجازه وقتها كنت بدأت أغوص في داخلها , أستشعرها , و أحللها لأكتشف المزيد منّي فيها فلمّا تعمّقت وجدتني بكل تفاصيلي
.
تركت العمل الذي جئت من أجله و بدأت أتحدث معها عن أمور عامة و عنها و عني كنت أبحث أكثر عني بداخلها فلمّا تحدّثت عن هواياتها فكأنها تتحدث عن هواياتي أنا و لمّا ناقشتها في أفكارها ذهلت فكأنني أنا الذي أتكلم , يا الله ما هذا فهل خلق الله مني ذكرا تجسد في و أنثى تجسدت فيها ؟؟
!!
أخذت أغوص أكثر و أكثر فيها , أسبح في بحور عقلها , أنقّب بأعماق قلبها , أفتش في دروب أفكارها , ماذا يحدث , مستحيل , غير طبيعي , هل هذا الذي تراه عيني وتسمعه أذني حقيقة أم هو أجمل حلم راودني في حياتي كلها ؟؟!! هل أنا مستيقظ أم نائم ؟؟ّ
!!
ما أراه و كأنني أسافر في رحلة روحانية بداخل نفسي , هل أنتي أنا ؟؟!! أجيبيني
أم أنك هبة الله لي في الأرض ؟؟
!!
أخذت هي تسترسل في الكلام و أنا فقط صامت منبهراً هائماً لا أنطق
انتبهت فجأة لتغريدها وهي تقول
- احمد انت معايا؟؟
!!
وكأنني سكراناً اجبت عليها - هه مين ؟؟ أنا ؟؟
!!
- احمد انت كويس؟؟
- أنا ؟؟!!
هذه المرة لن يخرجني من أعماقها شيئ فأنا الأن في اللامكان و اللازمان , تلاشت الجاذبية و صرت هائما سابحا في فضائها أشعر بحرية الطائر فى السماء
في تلك اللحظة كانت هي متعجبة لصمتي و لنظراتي الشاردة غير مدركة بما يحدث فهي تتحدث إلي وتناديني و لا تجد أي إستجابة مني و فجأة رأتني أنظر إليها وقتها كنت أنا قد وجدت ضالتي و حددت مصيري و قررت أن أظل في ذلك العالم معاها و لن أعود مرة أخرى إلى عالمي الكئيب و بدون التفكير في أن هذا لقائنا الأول وبدون التفكير في أي شيئ نهضت واقفا و نظرت إلى عينها و بمنتهى الحرية و بدون أي قيود أطلقت العنان لقلبي ليعطي الأمر للساني بالتحرر فوجدتني أقول لها
اناااا ..... اناااااا ... انا بحبك
الاثنين، 9 مايو 2011
سأظل أنتظر
اليوم هو الخميس الخامس والعشرين من شهر اكتوبر يوم ميلادي استيقظت هذا الصباح مبكرا كعادتى اليومية حيث تيقظني الشمس بنور شروقها فتمد يد اشعتها الدافئة عبر نافذتى وتحطها على وجهي برفق وحنان امي وتصوب نورها فى عينى كأنها تغازلنى لتخبرني بان الصباح الجديد قد اتى وتعلن عن بداية يوم مشرق اخر فى حياتى ولكن اليوم شمسى الاخرى سبقت شمس الكون فى ايقاظي .
اليوم هو الخميس الخامس والعشرين من شهر اكتوبر هو اليوم الوحيد فى السنة الذي استيقظ فيه على صوت هاتفى لا على اشعة الشمس .
استيقظت اليوم على هاتفى يردد كلمات "نزار" بصوت "كاظم" "ايتها الوردة والريحانة والياقوتة والسلطانة والشعبية والشرعية بين جميع الملكات يا قمر يطلع كل مساء من "
-صباح الخير
- كل سنة وانت طيب
- وانتي طيبة وحشتيني على فكرة
- وانت كمان على فكرة ويلا قوم بلاش كسل هتعدي عليا امتى ؟؟
- امتى ازاي ؟ الساعة لسه 6 يا مجنونة !!
- اه مجنونة بس مجنونة بيك يلا قوم انا نص ساعة وهكون جاهزة اوعى تفطر هنفطر سوا انت انهاردة ملكي لوحدي
- ماشي يا مجنونة سلام
- سلام
بالفعل هي مجنونة فانّى لها ان تفكر بأني اليوم ملكها الا تعلم بأني ملكها اليوم وكل يوم ملكها منذ مهدي حتى لحدي ومن بعد لحدي حتى بعثي الا تعلم اني اسير مكبل بسلاسل عشقها دون حرب مكبل بكامل ارادتى واعشق قيودي . هى تعرف جيدا ان عصور الرق قد انتهت منذ امد بعيد ولكن مالا تعرفه هو وجود عبدا واحدا فى هذا العصر والغريب انها لا تعرف ذلك فهذا العبد هو انا وهي السيد الوحيد الذى يملك عبد فى هذا العصر ولكني لست بعبدا ذليل انما انا اسعد العبيد على مر العصور ارفض عتْقي واهيم فى عشق رقّي فمن مثلي فى العالم ؟ من اسعد مني ؟ فانا هو من تحبه وتمتلكه امرأة العوالم كلها تملكني سيدة تخضع نفسها عبدا بين يدي فهي سيدتي وانا عبدها وهي امتي وانا سيدها .
هذا ما كان يدور فى رأسي خلال نهوضي من السرير وحتى التوجه الى الحمام خرجت من غرفتي وجدت امى تنهض عن سجادة الصلاة
- صباح الخير يا ماما
- صباح الخير يا حبيبي هحضرلك الفطار على ما تخرج من الحمام
-لا شكرا يا ست الكل انا هفطر برة
- كل سنة وانت طيب يا حبيبي تعالى لما ابوسك
- وانتى طيبة يا احلى ام فى الدنيا
قبّلتني وقبّلت يدها ورأسها وتركتها وتوجهت الى الحمام خلعت ملابسي وتوجهت اسفل الدش ومدت يدي لتفتح المياه وعندما لامست المياه الدافئة جسدي تذكرتها فهي كحبات المطر تنزل علينا لتطهرنا وتنزل على الارض الظمأنة المتلهفة لاستقبالها لترويها وتستقبلها بحضن عميق وتنهال عليها بالقبلات المتوهجة بنار العشق .
تذكرتها حين كنا نسير سويا وهطلت الامطار علينا فخلعت معطفي والبستها اياه واحطتها بين ذراعي فاستكانت وتوهجت كشمس الشتاء الدافئة لتغمرني بدفئ اشعتها فلم اشعر ببرودة الطقس .
اغلقت المياه وجففت جسدي من المياه ثم ادخلته فى اكثر ملابسي حظا اليوم فى "الحتة اللى على الحبل" التي سوف تنال شرف لقائها وأغمرت نفسي بالعطر "ابن المحظوظة" الذي سوف تستنشقه انفها وسيعبر داخلها فيتوغلها فيا ليتني كنت عطر . وقفت امام المِرْآةِ اتأكد من ان هذا المظر يليق بان تراه عيناها فاستحسنت مظهري ووقفت اتباهي بمظهري حتى تذكرتها فخجلت من نفسي فمهما بلغت اناقتي فلست بأكثر من مجرد علبة انيقة تغطي جوهرة او قطعة من الماس وحينما تنكشف الجوهرة او الماسة فتأخذ عيون الناظرين ولا احد يهتم بالعلبة
"ايتها الوردة والرياحانة والياقوتة والسلطانة والشعبية والشرعية بين جميع الملكات يا قمر يطلع كل مساء من نافذة الكلمات يا اخر وطن اولد فيه وادفن فيه "
هكذا ردد هاتفي حين استقبل اتصالها فتنبهت انها انتهت من لبسها وتحرّكت من بيتها لتسبقني الى مكاننا المفضل فاسرعت بالنزول استقليت سيارتي واتخذت طريقي اليها استوقفتني اشارة مرور تضيئ مصباحها الاحمر لتأمرني بالوقوف .
خمسة وثلاثين ثانية مروا كالدهر حتى اضيئ المصباح الاخضر ليأذن لي باستكمال السير توجهت مسرعا الى المقهى المفضل لنا وصلت فى تمام السابعة . نزلت من السيارة وتوجهت الى مدخل المقهى
- صباح الخير يا كريم
- صباح الخير يا فندم
- ايه انا جيت بدري ولا ايه
- لا اتفضل يا فندم ده مكانك
ولجت من الباب وجلست على منضدتي المفضلة
- اجيب لحضرتك الاسبرسو بتاعك
- لا انا هفطر عندكم انهاردة بس شوية كده
- براحتك يا فندم
جلست وحيدا انتظرها مرت دقيقة ولم تأتي مرت عشرة دقائق ولم تأتي مرت نصف ساعة ومازلت انتظرها ولم تأتي ثم مرت ساعة ثم ساعتين ثم يوم فاسبوع فشهر فسنة حتى الان مر سبع وعشرين سنة وانا انتظرها ولم تأتي متى ستأتي ؟ متى سأقابل من تحبني فاحب حبها لي .
حاولت ان ابدأ بالعشق مرات وفشلت , اقنعت نفسي بحب نساء لم احبهن واخلصت فى معاملتهن كعاشق وبالرغم من ذلك لم اجد فيهن من احبتني.
حلمت دوما بمن تحبني بمن احبها حقا لا باقناع نفسي , اجلس كل يوم على نفس المنضدة واحلم بمن تشاركني الجلسة انتظرها كل يوم واراها كل لحظة , تغير شكلها الالاف المرات حتى اصبحت هى كل نساء الكون فكم انا تعيسا اعاني قسوة الانتظار وكم هن اغبياء يفرطن فى ان تكون احداهن لعاشق كل نساء الكون